التنمر المدرسي في المانيا.. ماذا يفعل اللاجئون إن أصبحوا من ضحاياه؟
بعد حادثة الاعتداء على لاجئ سوري في إحدى المدارس البريطانية الضوء على ظاهرة التنمر في المدارس مجدداً، فكيف تعالج ألمانيا هذه الظاهرة وماذا يمكن للاجئين أن يفعلوا إن أصبحوا من ضحاياها؟
منذ أقل من ثلاث سنوات وصلت اللاجئة السورية فاطمة مع زوجها المقعد وأطفالها الأربعة إلى ألمانيا هرباً من الحرب في سوريا وأملاً في أن ترتاح من سنين المعاناة، كما تقول، لكنها لم تكن تعلم أنها ستواجه مشكلة جديدة في وطنها الجديد، وهي الاعتداء على أطفالها في المدرسة.
تقول فاطمة التي تقيم مع عائلتها في مدينة مونستر لمهاجر نيوز: “يتعرض أطفالي للمضايقات في المدرسة لأنهم لاجئون، وذلك بسبب الكره الذي يزرعه بعض الأهالي في نفوس أطفالهم تجاه اللاجئين”.
وتضيف الأم -التي مازالت تواجه صعوبات في اللغة الألمانية- أن طفلتها الصغيرة تخاف من “عصابة صبيان” يضايقونها، وتتابع: “رغم الشكوى في المدرسة، لكن يبدو أنه لا فائدة من ذلك”.
وليست فاطمة وحدها من تشكو من الاعتداء على أطفالها في المدارس، فقد بينت دراسة قامت بها شركة (KKH) للتأمين الصحي في ألمانيا ونشرت نتائجها أواخر الشهر الماضي أن أكثر من مليون طالب في المدارس الألمانية يعانون من اضطرابات نفسية بسبب المضايقات والضغط النفسي والتنمر.
حملة ألمانية لمكافحة التنمر في المدارس
وقد كشفت وزيرة الأسرة الألمانية فرانتسيسكا غيفي أن “الكثير من المدارس تحجم عن تسجيل وقائع التطرف والعنصرية والكراهية لأنها تخشى من وصمة عار إذا ظهرت فيها حالات كثيرة”.
وقالت وزيرة شؤون الأسرة في ألمانيا فرانتسيسكا غيفي: “عندما يتعرض الأطفال للشتائم أو المضايقات، بسبب مظهرهم أو دينهم أو لأنهم ينحدرون من بلدان اخرى، عندها يكون من الضروري أن تتم معالجة ذلك”. وحذرت غيفي من الآثار السيئة للتنمر، والتي قد تبدأ من التهرب من المدرسة وحتى الانتحار.
إحدى المدارس في فيسبادن قامت بمبادرة من أجل مكافحة التنمر بتوزيع “حقيبة مكافحة التنمر” على الطلاب
ماذا يجب أن تفعل العائلات اللاجئة في حالات التنمر؟
وترى المختصة الاجتماعية لينا غنامة، مؤسسة مركز النادي لرعاية شؤون الأسرة العربية المهاجرة في برلين، إن أفضل طريقة لمكافحة التنمر والمضايقات التي يتعرض لها الأطفال اللاجئون في ألمانيا هي متابعة الأهل تفاصيل كل حادثة على حدى، مع الابتعاد عن التعميمات والاحكام المسبقة.
وتقول غنامة لمهاجرنيوز: “العديد من العوائل اللاجئة لا تتابع أوضاع أطفالها في المدارس ولا تعرف حقوقها أيضاً، ولذلك فقد لا يتم تسجيل حادثة الاعتداء أو المضايقة أصلاً، وقد تحاول المدرسة أن تخفي ذلك”.
وتضيف المختصة بشؤون الاندماج: “أول شيء يجب على عائلة الطفل الذي تعرض لمضايقة أن تفعله هو أن تذهب للمدرسة وتقدم شكوى، وتحاول فهم تفاصيل الحادثة بهدوء لأن لكل حادثة طرفين”، وتتابع: “العوائل تميل للدفاع عن أبنائها لكن يجب عليها أن تعرف التفاصيل لكي تستطيع أن تحكم”، مشيرة إلى أنه ليس الألمان فقط من يعتدون على اللاجئين، بل قد يحصل العكس، أو قد يعتدي أطفال اللاجئين او المهاجرين على بعضهم البعض.
التعلم الاجتماعي هو الحل لمكافحة التنمر
كما يتضمن “التعلم الاجتماعي” –بحسب غنامة- أن يتحاور الطفلان، المعتدي والمُعتدى عليه، ويوضحا الحادثة ليصلا إلى حل عن طريق الحوار.
ورغم أن بعض الأهل يفضلون نقل طفلهم الذي تعرض لمضايقة إلى صف آخر أو إلى مدرسة أخرى، إلا أن غنامة لا ترى ذلك حلاً، وتقول: “بذلك يتم حرمان الطفل من زملائه الذين يحبهم”، مشيرة إلى أنها تعتقد أن حل نقل الطفل إلى صف آخر أو مدرسة أخرى يمكن أن يتم في حالة عدم حل المشكلة.
أما عندما يرى الأهل أن هناك محاولات من المدرسة لإخفاء الحادثة أو عندما يعتدي أحد المعلمين على الطفل، كما تقول غنامة، عندها يجب على العائلة التوجه إلى مكتب مكافحة العنصرية في المكان الذي يقيم فيه، وتضيف: “أحياناً يطلق المعلمون مفردات عنصرية ضد الأطفال أو أهاليهم، وقد يكون الاعتداء اللفظي أقسى على الطفل من الاعتداء الجسدي”.
وللوقاية من تداعيات حالات التنمر وضمان حلها بطريقة أفضل، ترى المختصة الاجتماعية أن التعاون بين العائلة والمدرسة والذي يتجسد من خلال الالتزام بحضور اجتماعات الآباء في المدارس الألمانية، والتي تتيح لآباء الأطفال اللاجئين الاطلاع على أوضاع أطفالهم، والتعرف على معلميهم، مما قد يساهم في هدم الأحكام المسبقة وتشجيع الحوار بين الألمان واللاجئين.
وتقول غنامة في هذا الصدد: “يجب أن يبتعد اللاجئون عن الأحكام المسبقة والتخلي عن قول: نحن (اللاجئون) وهم (الألمان)، بل أن ينكبوا على معالجة المشاكل بشكل جماعي تحت راية الحوار.