تقمص دور موظف في مكتب الهجرة واللاجئين بواسطة صحفي
مهمل وفاسد، هكذا يرى حاليا الكثيرون مكتب الهجرة واللاجئين والعاملين فيه. الصحفي عبد الله خان عمل كموظف في المؤسسة. وهو يشرح في مقابلة لدويتشه فيله كيف شعر أنه يعمل في خط انتاجي على القطعة.
أنت في الواقع صحفي. ومن فبراير إلى مارس 2016 عملت في مكتب الهجرة واللاجئين. كيف حصل ذلك؟
حركة اللجوء أثارت بصفة عامة اهتمامي. قطعت جزءا من طريق البلقان بصحبة هؤلاء الناس كصحفي يعمل لصالح “بيلد”، وجاءت الفكرة حينها لذهني، لأن جميع اللاجئين الذين يأتون إلى ألمانيا يُحالون على مكتب الهجرة واللاجئين، حيث يقدمون طلبات اللجوء. وعبر إعلانات في الصحف بحثت المؤسسة عن موظفين، وعلى هذا النحو قدمت طلبي. وعلى إثرها قدمت استقالتي لدى “بيلد” وعملت كموظف في مكتب الهجرة واللاجئين. ومن تقديم طلب العمل حتى التوظيف استغرق الوقت ثلاثة شهور.
وحصل هذا بهذه السهولة؟ فأنت لم تكن لك تجربة سابقة في هذا المجال؟
هذا بالفعل ما حصل ببساطة. أعتقد أنني كنت أتوفر على شرطين أساسيين، فأنا أتكلم مثلا أربع لغات. لكن تم البحث حينها عن 3000 موظف وبالتالي يُأخذ كل شخص يُعتقد أنه سينجز المهمة حتى بدون تجربة سابقة.
كيف كان تكوينك؟ ماذا تعلمت؟
عندما بدأت التكوين تم تقليص الفترة الدراسية من عشرة أسابيع إلى عشرة أيام عمل. وحصلنا على اطلاع قصير على نظام البيانات وعلى الخطوات المتعددة التي يجب المرور بها مع مقدم الطلب. هذا ما حصل. وإلى اليوم لا أعرف فعلا ما هي الوثائق التي تركت مقدمي الطلبات التوقيع عليها. لقد كانت مجموعة من صفحات الإرشادات لم يشرحها لي أحد.
أنت لم تتخذ القرار في الموافقة أو رفض طلبات اللجوء، بل موظفا مختصا. فيما تمثلت مهمتك بالتحديد؟
جاء إلي أشخاص أرادوا تقديم طلب أولي أو ثاني للجوء. طالبو اللجوء قدموا عندي الاستمارات التي ملأوها من قبل بمساعدة مترجم، ونقلت هذه البيانات الشخصية بالكتابة في نظام الكومبيوتر. وقدمت رخص الإقامة الأولى والتوجيهات الخاصة بها للتوقيع عليها.
“بذلت الجهد للعمل بأكبر سرعة ممكنة”
2016 كانت سنة قياسية، إذ أن نحو 750.000 طلب لجوء تم تقديمها. هل كان العمل حينها في مكتب الهجرة واللاجئين صعبا، كيفما يمكن لي تصوره؟
تخيلت أنه بإمكاني العمل بجهد كبير. ولكن حصل أننا لم نعمل طوال أيام، لأن نظام الكومبيوتر كان معطلا أو أننا لم نحصل على ملفات جديدة. وبسبب هذه الأخطاء داخل الإدارة لم نتمكن جزئيا من العمل.
وكنت مسؤولا أيضا عن إصدار إفادات تنص هل طالب اللجوء له الحق في البقاء أم لا. وعندما قدمت في الصباح إلى مكتبي وجدت أن كما من صناديق البريد كانت موجودة وبها تلك الإفادات. فبدأت في البث فيها، ولم أنته مع الصندوق الأول حتى جيء بالصندوقين القادمين. وهذا كان كثيرا جدا.
والعمل لا ينقص أبدا، فالحالة كانت وكأنك في مصنع. تستمر فقط في الختم ، دون معرفة ما نفعله بالتحديد. أضف إلى ذلك الكم الهائل من الملفات والناس في كل يوم. هذا لن أنساه أبدا.
كيف كانت الأجواء لدى الزملاء تحت هذا الضغط في العمل؟
تجربتي تعكس أن العاملين لدى مكتب الهجرة واللاجئين يعملون ما في وسعهم. فالأزمة الحالية لا يحق تحميلها على أكتاف العاملين الذين يفعلون ما يجب فعله. فالأجواء كانت بالطبع بسبب العمل الكثير متوترة. وبالرغم من ذلك أحترم كيف تعامل زملائي بصبر مع مقدمي الطلبات. وكان دوما متعبا عندما يجلس أمامك طالب لجوء ويكذب بكل وضوح مثلا فيما يتعلق بسنه. وهذا يتسبب في التوتر.
ماذا فعلت عندما شعرت أن الشخص يكذب؟
إنه وضع صعب. صادفت طالب لجوء ملامحه تشهد بأنه في الخمسين، وقال لي بأن عمره 24 عاما. وحجته هو أنه ممثل، والممثلون يظهرون بسبب عملهم أكبر من سنهم الحقيقي. في هذه الحالات نكتب ملاحظة تشير في الملف إلى أن السن قد لا يكون صحيحا. ثم نأمل في أن يتحقق المقررون من صحة القضية.
هل تم حضك بشكل صريح على العمل بسرعة؟
ليس بشكل مباشر. ولكن خلال فترة التكوين قيل لنا كم هو عدد الدقائق التي نحتاجها لتجاوز كل خطوة عمل. وكانت هناك قوائم يكتب فيها كل واحد أسبوعيا عدد الملفات التي عالجها ـ مثل هذه التفاصيل ترفع من قوة الضغط.
إذا كان في استطاعتك الغش، هل كان بإمكانك فعل ذلك؟
نعم بكل وضوح. وسيكون ذلك سهلا للغاية. فكل موظف مختص له إمكانية ولوج نظام البيانات. وهناك مدون عمر اللاجئ ومن أين يأتي وما هي أسباب الهرب. وحتى أنا كموظف عادي كان بإمكاني كتابة ما أريد. لكن خلال الشهور الأربعة التي قضيتها هناك لم يقدم لي أحد عرضا مقابل الحصول على مال لتزوير ملفات.
وُجه الانتقاد لمكتب الهجرة واللاجئين في 2016، لأنه غير قادر على مسايرة معالجة الطلبات. هل هذا الانتقاد في محله؟
هنا يجب علينا توخي الحذر. فيما يتعلق بالموظفين أنفي ذلك. لكن السياسة كان في مقدورها في السنوات السابقة دعم المؤسسة وتوسيعها. وهذا لم يحصل. في 2016 كنت هناك، ومرت الآن سنتان ولم يتغير شيء. فإذا لم ندقق لسنوات أين توجد الثغرات في مؤسسة معنية، فإلى أين سيقود ذلك؟
كيف انتهت مدة تواجدك هناك؟
في إحدى الفترات تكررت فقط خطوات العمل، بحيث كان بإمكاني إغلاق بحثي. فقدمت استقالتي وكتبت تحقيقي لصالح “بيلد”. وقبل نشره، حذرت بعض الزملاء مما سيأتي. وتفاجأت جدا من رد فعلهم، إذ قالوا ” وأخيرا يلجأ أحد إلى الرأي العام ويكتب عما يحصل”.