صعوبات في إدماج الأطفال اللاجئين في المدراس بألمانيا
خلال العامين الماضيين تم تسجيل 320 ألف تلميذ جديد ذوي أصول مهاجرة في مدارس ألمانيا، ما يشكل عبئا على المعلمين الذين يحتاجون للمساعدة ولمزيد من التأهيل للتغلب على التحديات التي يواجهونها في تعليم وإدماج هؤلاء التلاميذ.
رغم حصول المدرسة على المساعدة من بعض المتطوعين، إلا أن الكادر التعليمي الأساسي لم يتوسع، وبقي عدد المعلمين المؤهلين على حاله. وتحاول إدارة المدرسة التغلب على التحديات التي تواجهها، من خلال الخبرة التي تمتلكها والتعاون الوثيق وروح الفريق التي يتمتع بها الكادر التعليمي في المدرسة. بالإضافة إلى ذلك يساعد التلاميذ أيضا بعضهم، حيث في المدرسة “تلاميذ ذوي أصول عربية أو كردية يساعدون أقرانهم الجدد بتعليمهم وتعريفهم بأشياء مهمة. وهو ما يخفف من شعور التلاميذ الجدد بالغربة في مدرسة معظم تلاميذها يعرفون الألمانية فقط وأهلهم ألمان”، كما تقول مديرة المدرسة زيبلة كليمنت.
“أهلا وسهلا” صفوف خاصة للتلاميذ الجدد!
يبلغ عدد التلاميذ في المدارس الألمانية حوالي 11 مليون تلميذ، ومنذ عام 2001 كان عدد التلاميذ في سن التعليم الإلزامي يتراجع باستمرار؛ لكن مع قدوم 325 ألف تلميذ جديد منذ عام 2015 زاد عددهم قليلا بنسبة 0.3 بالمائة فقط. إلا إن الاحتياجات الخاصة للتلاميذ من أبناء اللاجئين تشكل تحديا جديدا للنظام التعليمي في ألمانيا. وقد ازداد عدد هؤلاء في المدارس الابتدائية بنسبة 17,6 بالمائة في العام الدراسي 2014/ 2015 مقارنة مع 8 بالمائة بالنسبة للمدارس الأخرى.
وفي الأثناء خصصت الكثير من المدارس صفوفا خاصة “صفوف أهلا وسهلا” لدعم وتلبية الاحتياجات الخاصة للتلاميذ الجدد من أبناء المهاجرين. في هذه الصفوف يتم تعليم هؤلاء اللغة الألمانية أولا، ليستطيعوا الالتحاق بالصفوف العادية الأخرى فيما بعد. وفي تلك الصفوف الخاصة لا يتم تعليم الألمانية فقط، وإنما هناك حصص للرياضة والموسيقى والفن أيضا. وتجدر الإشارة إلى أنه في هذه الصفوف تكون أعمار التلاميذ مختلفة وأحيانا هناك فارق كبير نسبيا بينهم في السن ومستوى التعليم والسنين التي قضوها في المدرسة قبل النزوح من أوطانهم واللجوء إلى ألمانيا.
ويرى رئيس الرابطة الاتحادية للتعليم والتربية في ألمانيا، أودو بيكمان، أن هناك انفراجا تدريجيا للوضع والتحديات التي تواجهها المدارس في هذا المجال، ويقول: “منذ تراجع عدد اللاجئين بشكل واضح، أصبح الوضع أكثر هدوءا ويمكن التفكير والتقييم بشكل أدق قبل اتخاذ قرار بشأن تحديد أي نموذجي تعليمي يحتاجه التلاميذ الجدد وكيف يمكن تصنيفهم بشكل صحيح حسب إمكانياتهم وقدراتهم”.
وصحيح أن تراجع عدد اللاجئين قد ساعد على انفراج الوضع، لكن بيكمان لا يرى أن الأزمة قد انتهت تماما “فالوضع في المدارس ليس على ما يرام وكما يجب، إذ أن الموارد البشرية غير متوفرة” فالمعلمون الذين يتقاعدون لا يتم تعويضهم بآخرين جدد منذ سنوات عديدة! وأزمة اللاجئين قد فاقمت هذا الأمر، أي النقص في عدد الكادر التعليمي.
مواصلة التأهيل والتدريب
العثور على معلمين جدد يشكل تحديا بحد ذاته، وإيجاد تأهيل إضافي مناسب للمعلمين الموجودين يشكل تحديا آخر! وفي هذا السياق تؤكد مارليس تيبه، رئيسة نقابة العاملين في سلك التربية والعلوم، أنه يجب تأهيل وتحضير المعلمين الذين يعملون مع الأطفال المهاجرين، بشكل أفضل، إذ “يجب أن تكون لديهم بعض المعلومات عن البلاد التي أتى منها أطفال اللاجئين وكيفية التعامل مع المصدومين منهم بالإضافة إلى مسألة التعدد الثقافي”. وتنتقد تيبه الوضع لأن “هناك القليل من الفرص لتأهيل المعلمين، ما يؤدي إلى نقص كبير في عددهم وزيادة الضغط عليهم”.
وفي مدرسة “يان” الابتدائية بمدينة بون، يريد المعلمون استقبال التلاميذ أولا، وتقول مديرة المدرسة “نعلم أن أطفالا قد مروا بمآسٍ، لكننا نعاملهم بشكل عادي أولا مثل باقي الأطفال. طبعا نمنحهم وقتا وعناية أكبر، أما ما عدا ذلك فإننا نحاول أن نوفر لهم حياة مدرسية وتعليما عاديا طبيعيا، في بلد يعيش في أمان وسلام”.