Take a fresh look at your lifestyle.

مهاجر سوري يتوهج ويصبح بطلاً لكمال الأجسام

تألق العديد من القادمين الجدد إلى ألمانيا في مختلف الميادين الرياضية. منهم السوري أيهم الأوس، الذي سطع نجمه في بطولة ولاية شمال الراين-ويستفاليا لكمال الأجسام. “مهاجر نيوز” أعد لكم الربورتاج التالي عن الإنجاز وصاحبه.

المنافسة محتدمة والأعصاب مشدودة؛ رجال قويو البنية يستعرضون عضلات مفتولة تكاد من ضخامتها أن تنفجر. موسيقى حماسية بإيقاع سريع بعض الشيء تضفي على المشهد الكثير من العظمة والإبهار والقليل من التوتر والترقب. جاء دور شاب لفحت شمس الجنوب بشرته فوهبتها لوناً حنطياً.

بكل ثقة يخطو على الخشبة والابتسامة لا تفارق محياه. نتاج خمسة أشهر متواصلة من التدريب القاسي والحمية الصارمة يستعرضها أمام لجنة التحكيم، المفوضة بمنح الألقاب المعترف بها من الاتحاد الدولي لكمال الأجسام واللياقة البدنية.

بعد انتهاء عرضه يدوي التصفيق. أيهم الأوس يتذكر تلك اللحظات ويقول لمهاجر نيوز: “لن أنساها ما حييت؛ فزت بالمركز الأول بفئة الشباب وبالمركز الثاني بفئة الرجال حتى وزن 80 كيلوغراما على مستوى ولاية شمال الراين-ويستفاليا”.

 

 

رياضة منذ الصغر

لم تكن تلك المرة الأولى التي يشترك فيها الشاب، ذو الثلاث والعشرين ربيعاً، في المسابقة؛ إذ أنه فشل في مرة سابقة في إحراز أي لقب. غير أن ذلك الفشل وردود فعل محيطه لم يزيداه إلا إصراراً وتصميماً على بلوغ المنى.

عهد الشاب، المنحدر من مدينة السويداء في جنوب سوريا، بالرياضة يعود إلى سن الثانية عشرة ويقول “بدأت مشواري الرياضي مع رياضة الكيك بوكسينغ وحصلت على المركز الأول على مستوى المحافظة”، يقول أيهم. بعد ذلك وجد نفسه في رياضة كمال الأجسام. وعن سبب تحوله إلى هذه الرياضة بالذات ودون غيرها يجيب بأن “رياضة كمال الأجسام تعطي الجسم جمالية وجاذبية وقوة وثقة كبيرة بالنفس”. إلى جانب انكبابه على التدريب عمل السوري لفترة كمدرب كمال أجسام في ناد محلي بمحافظته.

ممارسة الرياضة والتدريب المكثف لم يحل دون حصول أيهم على الشهادة الثانوية. “درست سنة واحدة في الجامعة بتخصص الأدب الإنكليزي”، يؤكد أيهم.

 الوطن يضيق بأبنائه

انسداد الآفاق وغياب أي فرصة لبناء مستقبل، وخصوصاً في المجال الرياضي، كان وراء اتخاذه قراراً مصيرياً بشد الرحال صوب بلاد ألمانيا. “أردت التخلص من السوق إلى الخدمة الإلزامية في الجيش السوري”، من بين المبررات التي يسوقها أيهم لقراره.

حصل الشاب على فيزا دراسية وحطت رحاله في مدينة دورتموند الألمانية قبل سنتين ونصف. بعد فترة من الزمن تقدم بطلب لجوء: “نفذ ما جلبته معي من مال”. بعد بعض الصعوبات، مقارنة بغيره من السوريين، حصل على حق اللجوء. ومن ثم اقتنص فرصة للتدريب المهني في المجال الرياضي. غير أن الحظ عاد ليعانده من جديد ويقول لمهاجر نيوز “لم أتمكن من الحصول على دعم مالي من الحكومة الألمانية، ما اضطرني لإيقاف التدريب المهني والبحث عن عمل أعيش منه”. سألناه عن السبب فأجاب: “أخبروني أن التدريب غير معترف به من الدولة كمهنة. ومن ثم تبين لاحقاً أن ذلك غير صحيح وأنه تصرف فردي من موظفة. ولكن كان الوقت قد تأخر وانقطعت عن التدريب”.

 وكل غريب للغريب نسيب

بعد ذلك الضيق جاء الفرج؛ سمع فالديمار كوسلو، بقصته فعرض عليه العمل لديه في متجره المتخصص ببيع المكملات الغذائية للرياضيين في دورتموند. يحمل فالديمار (38 عاماً)، العديد من الألقاب على مستوى ألمانيا وأوروبا في رياضة كمال الأجسام. هو الآخر من خلفية مهاجرة، إذ ينحدر ممن يطلق عليهم ألمان روسيا، الذين عادوا إلى ألمانيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

وعن دوافعه في مد يد العون لأيهم يقول في تصريح لمهاجر نيوز: “من منطلق إنساني، لا أستطيع غض الطرف عن مساعدة شخص بأمس الحاجة لها ولدي القدرة على ذلك”. وعن رأيه بالشاب السوري يقول: “أيهم شخص نشيط وودود”. لم يتوقف دعم فالديمار عند ذلك الحد، بل تعداه إلى الدعم المعنوي وتقديم عصارة خبرته وتجاربه وغير ذلك: “منحني إجازة من العمل قبل أسبوعين من البطولة لأتفرغ للاستعداد”، يكشف لنا أيهم وعلامات الامتنان تفصح عنها نبرات صوته

 

 

 الرياضة لتخطي حاجز اللغة

المهندس مصطفى جمرك، المتابع والمنخرط في المجال الرياضي منذ قدومه إلى ألمانيا قبل أكثر من أربعة عقود، يجمل لمهاجر نيوز أهم الصعوبات التي تعترض طريق المهاجرين إلى منصات التتويج في ألمانيا: “عدم فهم الفكر والتنظيم الموجود بالأندية الرياضية كدقة المواعيد لأوقات التدريب، والنظر إلى قرارات المدرب أو المسؤولين على أنها شخصية وليست مهنية”. وعندما طلبنا من المهندس مصطفى المزيد من التوضيح قال: “أول ما يتبادر لذهن اللاجئ عندما لا يضعه المدرب بالتشكيلة الأساسية للمباراة بأن المدرب لا يحب الأجانب وأنه عنصري” .

ولا يفت المهندس مصطفى، الذي ينشط كمدير فني للفريق السوري لكرة قدم الذي تأسس في برلين من المهاجرين الجدد، الإشارة إلى عوامل أخرى، وعلى رأسها حاجز اللغة: “لا ننسى الاختلاف الثقافي والمجتمعي الذي يجعل ثقة اللاجئ بنفسه ضعيفة وعدم تمكنه من اللغة بشكل جيد يجعل اشتراكه في نشاطات النادي الاجتماعية منها والرياضية ضعيفاً”. حالة بطل شمال الراين- ويستفاليا، تدلل على صحة كلام المهندس مصطفى؛ إذ يخبرنا أيهم من وحي تجربته: “ساعد نشاطي الرياضي في تسريع تعلمي اللغة وتحسينها. ووصلت لمستوى B2.”

ولا ينسى أيهم في حديثه معنا الإشادة بفضل صديقته الألمانية التي تدعمه نفسياً وتشجعه على المضي قدماً في مشواره؛ إذ أنه “يطمح” لمزيد من التألق، ولكن هذه المرة وفي المرات القادمة على مستوى ألمانيا وأوروبا والعالم

قد يعجبك ايضا