Take a fresh look at your lifestyle.

هل تقوم ألمانيا بترحيل لاجئين لا يتطلب ترحيلهم فعلا ؟!

منذ تعديل قانون اللجوء وتشديده، ازداد عدد اللاجئين الذين يتم ترحيلهم أيضا وخاصة مع تزايد ضغط الرأي العام على الحكومة بعد حوادث إرهابية اتهم فيها لاجئون. لكن هل يتم ترحيل من يجب ترحيله فعلا، أم الشخص الخطأ حسب المنتقدين؟

موجة اللجوء التي شهدتها ألمانيا عام 2015 ودخول أكثر من مليون لاجئ إلى البلاد، تحولت إلى أزمة ذات أبعاد متعددة. وقد استغلت بعض الفئات تلك الأزمة لتحقيق مكاسب ليس مادية فحسب وإنما سياسية أيضا وخاصة من قبل الحركات والمجموعات اليمينية المتطرفة واليمين الشعبوي المتمثل بحزب “البديل من أجل ألمانيا” الذي ارتفعت شعبيته بشكل كبير ودخل برلمانات بعض الولايات.

هذه الأزمة بوجوهها المتعددة دفعت الحكومة الألمانية إلى التحرك والبحث عن حلول لها، وتخفيف حدتها وسحب البساط من تحت أقدام من يستغلون الأزمة ويسثمرونها سياسيا مثل اليمين الشعبوي. فلجأت إلى تشديد قانون وإجراءات اللجوء وتسريع البت في طلبات اللجوء وخاصة للقادمين من بلدان تصنف على أنها آمنة. التشديد شمل وقف لم الشمل العائلي أيضا للاجئين الذين يحصلون على حق الحماية الجزئية فقط.

تشجيع العودة الطوعية

إلى جانب تلك الإجراءات زادت الحكومة الألمانية من سرعة ترحيل اللاجئين الذين تم رفض طلباتهم إلى بلدانهم الأصلية، حتى تحول الأمر إلى ما يشبه “السباق” بين بعض الولايات والمدن على ترحيل أكبر عدد من اللاجئين وبأسرع ما يمكن!

ولتسريع الترحيل وتنفيذه بنجاح ناقشت الحكومة عدة خيارات وإجراءات منها إنشاء “مركز دعم العودة” الذي يتولى مهمة ترحيل اللاجئين الذين رفضت طلبات لجوئهم ولا يحق لهم البقاء في ألمانيا وبالتالي عليهم مغادرة البلاد فورا. حول هذا المركز وفي إطار رده على سؤال لكتلة حزب اليسار في البرلمان الألماني، قال وزير الداخلية توماس دي ميزير، إن المركز سيركز على ترحيل الجناة أو من يعرفون بالأشخاص الخطرين.

لكن هل يتم فعلا ترحيل الجناة والخطرين ومن يشكلون عبئا على الدولة والمجتمع؟ منتقدو هذه الإجراءات وعمليات الترحيل، يقولون إنها “تتم بسرعة كبيرة وبشكل عام دون تمييز” أي دون تدقيق في الأوضاع الشخصية والعائلية للمرحلين مثلا، حيث “هناك الآن 230 ألف لاجئ ملزمون بمغادرة البلاد وبينهم كثيرون يعيشون في ألمانيا منذ أكثر من أربع سنوات وقد اندمجوا بشكل جيد في المجتمع، وعلى هؤلاء أيضا أن يغادروا! حيث لا يتم التمييز لدى الترحيل، وهذا لا يجوز” يقول ريشارد أرنولد، عضو حزب المستشارة ميركل، الاتحاد الديمقراطي المسيحي وعمدة مدينة “شفيبيش غيموند” في ولاية بادن فورتتمبرغ، في حوار مع GR.

ويتابع أرنولد انتقاده بأنه يتم “ترحيل الأشخاص الذين يمكن الوصول إليهم، وهؤلاء هم من يعيشون بشكل نظامي، الذين يذهبون إلى المدارس ومن حصلوا على شهادة أو بدأوا تأهيلهم المهني. وبينهم من اندمجوا فعلا في المجتمع ويعملون ويدفعون (المبالغ المطلوبة) لصندوقي التأمين الصحي والتقاعد”.

وقد تم ترحيل 25 ألف شخص خلال عام 2016 وحوالي 55 ألف عادوا طواعية إلى بلدانهم بعد رفض طلبات لجوئهم. ولزيادة عدد هؤلاء وتشجيعهم على العودة طواعية خصصت الحكومة الألمانية 40 مليون يورو إضافية، حيث يحصل العائد طواعية على مساعدة مالية ليستطيع بدء حياة جديدة في وطنه.

الترحيل لحماية نظام اللجوء!

وأكثر الذين يتم ترحيلهم بنجاح هم الأفغان، حيث تتعاون حكومة كابول مع الحكومة الألمانية في هذا الإطار. وقد تعرضت برلين لانتقادات بسبب اعتبارها أفغانستان بلدا آمنا ترحل إليها اللاجئين رغم غياب الأمان وما تشهده من صراع مسلح. وفي هذا الإطار قال زعيم حزب الخضر في ألمانيا جيم أوزديمير، في تصريحات لصحيفة “بيلد أم زونتاغ” الألمانية، إن أفغانستان ليست دولة آمنة و”لا يصح ترحيل الناس إلى البلاد غير الآمنة.” وبرر ذلك بالإشارة إلى تقييم الأمم المتحدة للأوضاع الأمنية قائلا: “مكتب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يصنف أفغانستان كدولة خطيرة”.

كذلك انتقدت منظمة “برو أزويل” المدافعة عن اللاجئين الترحيل إلى أفغانستان قائلة إن الوضع هناك كارثي سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية، وطالبت في بيان لها بوقف “عمليات الترحيل إلى أفغانستان فورا وضمان حق البقاء لمن يشملهم الترحيل”.

لكن الحكومة ترفض تلك الانتقادات وتقول إنها تفحص ملف كل لاجئ على حدة قبل ترحيله، وقال وزير الداخلية توماس دي ميزير في تصريحات نهاية العام الماضي ردا على الانتقادات، إن بين من يتم ترحيلهم مدانون بجرائم جنائية خطيرة بينها السلب والاغتصاب والقتل وهناك من تم نقله من السجن إلى المطار مباشرة، وقال إن الوضع في أفغانستان لمن يتم ترحيلهم “آمن بما يكفي”، ووصف دي ميزير عمليات الترحيل الجماعي للأفغان بالخطوة “الصحيحة والضرورية” من أجل حماية نظام اللجوء في البلاد.

إشراك البلديات في اتخاذ القرار

لكن ريشارد أرنولد، عمدة مدينة شفيبيش غيموند، يطالب بعدم ترحيل من اندمجوا في المجتمع بشكل جيد، ويضيف بأن “المشكلة هي أن المندمجين الذين رفضت طلباتهم، هم غالبا من يتم مطالبتهم بمغادرة البلاد خلال ثلاثين يوما أو أسبوع”.

ويطالب أرنولد بمنح البلديات والسلطات المحلية المزيد من الصلاحيات والمشاركة في اتخاذ قرار الترحيل، لأنها “تعرف بشكل أفضل الأشخاص الذين سيتم ترحيلهم وتستطيع تقدير ظروفهم”.

ويقترح نظاما يعتمد ألوان إشارة المرور أي الأخضر والأصفر والأحمر في تصنيف اللاجئين المرفوضة طلباتهم، ويشرح ذلك في حواره مع GRبالقول “الأخضر للذين اندمجوا بنجاح ويستطيعون تأمين معيشتهم جزئيا بأنفسهم. وهؤلاء يجب أن يحق للبلديات أن تطالب ببقائهم حتى بعد رفض طلب لجوئهم” ويتابع حديثه بأن الذين لديهم آفاق مستقبلية و”اندمجوا بالمجتمع يجب مكافأتهم، أما البقية فيجب أن يرحلوا”. ويشير أرنولد في حديثه إلى أن المواطنين قد “قبلوا بهذا النظام، ويمكن تحقيقه من الناحية السياسية أيضا. وأنا على اتصال مع وزير داخلية الولاية (بادن فورتمبرغ) وأحاول إقناعه بمشاركة البلديات في القرارات المتعلقة باللجوء”.

لكن هل سيوفق العمدة في مساعيه، هذا ما يبدو صعبا، حيث أن وزير داخلية ولايته، توماس شتروبل، كان قد اقترح من قبل توسيع نطاق احتجاز طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم حتى يتم ترحيلهم، وتقليص الخدمات الاجتماعية المقدمة لهم.

قد يعجبك ايضا